اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
ولادته
وُلد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) بالمدينة بعد طلوع الفجر سنة ست وستين أو سبع وستين من الهجرة
صفاته
كان تام الخلق ، طويل القامة ، جميل المنظر ، أبيض اللون ، وسيم الوجه ، واسع العينَين ، مقرون الحاجبيَن ، كَثُّ اللحية ، عريض الصدر ، بعيدُ ما بين المنكبين ، دقيق المسربة ، واسع الجبهة ، أقنى الأنف ، أسود الرأس واللحية ، إلا أن الشيب خالط عارضَيه
وكان الوابشي يقول
إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه
علمه ومناظراته
نشأ في حجر أبيه الإمام السجاد ( عليه السلام ) ، وتخرج على يده وعلى يد الإمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ، ومنهم أخذ لطائف المعارف وأسرار الأحكام ، فأفحم العلماء واكابر المناظرين من سائر الملل والأديان
وكان عنده ما تحمله آباؤه الهداة من سرعة الجواب والوضوح في البيان ، ممزوجاً ببراعة في الخطاب ، فبلغ من ذلك كله مقاماً لم يترك لأحدٍ مُلتحَداً عن الإذعان له وبالنبوغ ، حتى أنك تجد المتنكبين عن خطة آبائه ( عليهم السلام ) لم تدع لهم الحقيقة من ندحة عن الاعتراف بفضله الظاهر
فهذا أبو حنيفة يقول
شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله ، فما رأيت في زمانه أفقَه منه ولا أسرع جواباً ولا أبيَن قولاً
ومن عثرنا على كلامه من أصحابنا الإمامية كأبي إسحاق السبيعي ، والأعمش ، والشيخ المفيد ، وميرزا عبد الله ، المعروف بـ ( الأفندي )
وكذلك أبو الحسن العمري ، والسيد علي خان ، والحر العاملي ، والمحدث النوري وجدناه مصرحاً بفضله في العلم وتبصُّره بالمناظرات
وحدث خالد بن صفوان قال
أتينا زيد بن علي ( عليه السلام ) وهو يومئذ بالرصافة ، فدخلنا عليه في نفر من أهل الشام وعلمائهم ، وجاءوا برجل قد انقاد له أهل الشام في البلاغة والنظر في الحجج ، وكلَّمْنا زيدَ بن علي ( عليه السلام ) في الجماعة وقلنا
إن الله مع الجماعة ، وإن أهل الجماعة حجة الله على خلقه ، وإن أهل القِلّة هم أهل البدع والضلالة
فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد وآله ، وتكلّم بكلام ما سمعتُ قرشياً ولا عربياً أبلغَ موعظةً ولا أظهر حُجّةً ولا أفصح لهجة منه
ثم أخرج كتاباً قاله في الجماعة والقِلة ذكر فيه مِن كتاب الله ما يذم الكثير ويمدح القلة ، وأن القليل في الطاعة هم أهل الجماعة ، والكثير في المعصية هم أهل البدع ، فأُفحم الشاميُّ وانخذل الشاميون فما أجابوا بقليل ولا كثير ، وخرجوا من عنده صاغرين منكِّسين رؤوسهم حياء وخجلاً
ثم أقبلوا على صاحبهم يعذلونه ويقولون
زعمتَ أنك لا تدع له حُجةً إلا رددتَها وكسرتها ، حتى إذا تكلم خرست ، فما تنطق بقليل ولا بكثير
فقال : وَيلَكم ، كيف أكلم رجلاً حاججني بكتاب الله ، أفأستطيع أن أرد كلام الله تعالى ؟! فكان خالد بن صفوان يقول بعد ذلك
ما رأيت رجلاً في الدنيا قرشياً ولا عربياً يزيد في العقل والحجج على زيد بن علي ( عليه السلام )
مؤلفاته
1 - المجموع الفقهي
2 - المجموع الحديثي
3 - تفسير غريب القرآن
4 - إثبات الوصية
5 - قراءة جده علي بن أبي طالب ( عليه السلام )
6 - كتاب ( مدح القلة وذم الكثرة )
7 - منسك الحج
مدرسته
يظهر لكل من نظر في جوامع الأحاديث مقاصد زيد السامية وغاياته الشريفة في نشر ما تحمله عن آبائه الهداة من الفضائل والمواعظ والأحكام
فإنه لا يريد بكل ذلك إلا إلقاء التعاليم الدينية والأخلاقية ، وإصلاح أمة جده ( صلى الله عليه وآله ) بتهذيب أخلاقها وإرشادها إلى نهج الحق واستضاءتها بنور ذلك الدين الحنيف
ومن هنا كان مصدراً لجمع كبير من حملة الآثار وعليه مُعولهم ، لما عرفوا منه غزارة في العلم والنزاهة
أن أبا حنيفة أخذ العلم والطريقة من الإمام الباقر و الإمام الصادق ( عليهما السلام ) ومن عمه زيد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام )
و تتلمذ على زيد مدة سنتَين ، ولم يمنعه من التجاهر بذلك إلا سلطان بني أمية
فسلام عليه يوم استشهد ويوم يبعث حياً ، وهنيئاً له الجنة مع الشهداء والأنبياء والصالحين
أسألكم الدعاء